الأخطاء الشائعة في صياغة مشكلات البحث وفرضياته من المنظور الاحصائي


الأخطاء الشائعة عند صياغة مشكلات البحث:
من الأخطاء الشائعة عند صياغة مشكلات البحث ما يلي:
(1) عدم تحديد المشكلة تحديداً دقيقاً على ضوء ملاحظة دقيقة أو على ضوء القيام بمراجعة الدراسات السابقة المتعلقة بالموضوع. وعادة ما يكون هذا بسبب عدم بذل الجهد في الاطلاع على جوانب المشكلة من خلال الدراسات السابقة؛ فيعمد الباحث إلى صياغة المشكلة صياغة عامة تفتقر للتحديد مما لا يشكل أي إضافة علمية من خلال البحث حيث يصبح البحث تجميعياً وليس إضافة أو إبداعاً أو تجديداً في مجال البحث العلمي. وهذا ما أسميه بالبحث الأفقي أو "النزعة الصفرية" بدلاً من القيام ببحث متعمق "عمودي" وقد يكون هذا لعدة أسباب من أهمها عدم معرفة كثير من الباحثين في الجزائر للغة الإنجليزية.
(2) تكرار دراسة المشكلة؛ حيث يعمد بعض الباحثين المبتدئين وغالباً ما يكون ذلك لعدم مراجعة الدراسات السابقة بتكرار دراسة مشكلة قد درست من قبل من طرف باحثين آخرين، ودون إشارة لذلك. ورغم ذلك يؤكدون أن المشكلة لم تدرس من قبل بينما هم في الواقع لم يطلعوا على الدراسات السابقة بشكل كافٍ لعدة أسباب لا مجال لذكرها هنا. فقد لاحظت مثلاً أن إحدى الباحثات تجري بحثاً حول "التحفيز والدافعية"، وأشارت إلى بعض الدراسات التي أجريت حول الموضوع في الجزائر بينما لم تشر إلى رسائل ماجستير أجريت في جامعة الجزائر مثلاً ذات علاقة بالموضوع.  وقد يرجع هذا إلى عدم توثيق هذه البحوث، ووضعها في متناول الباحثين، وعدم وجود نظام لكشف الغش في البحث باللغة العربية كما هو موجود باللغة الانجليزية مثلاً.
(3) عدم ربط تحديد المشكلة بأهمية الدراسة من الناحية النظرية والعملية وبأهداف الدراسة مما يفقد مشكلة البحث أهميتها وقيمتها العلمية والعملية.
(4) عدم ربط مشكلة الدراسة وما تتطلبه من خطوات بجدول زمني لكل مرحلة من مراحل البحث مما يجعل بعض الباحثين يتيهون في المرحلة الأولى من مراحل البحث ويضيعون وقتاً طويلاً مما لا يترك لهم فسحة من الوقت للقيام بالمراحل الباقية بجودة مقبولة وفي الوقت المحدد لها. وأذكر في هذا المجال أنني وضعت جدولاً زمنياً في إحدى الدراسات التي أجريها مع باحثين جزائريين، وعندما وصلنا إلى مرحلة جمع البيانات طلب مني أحد الأعضاء تمديد فترة جمع البيانات لمدة ستة شهور أخرى، أو عدم تحديد فترة جمع البيانات.
(5) غموض العبارات المستعملة لتحديد المشكلة المطروحة، وعدم تحديد المفاهيم المستعملة، وعدم تحديد الإطار النظري لهذه المفاهيم إن وجد،وعدم تقديم تعاريف إجرائية (قابلة للقياس) للمفاهيم التي تتضمنها المشكلة أو الاكتفاء بتقديم تعاريف عامة غير مرتبطة بأهداف الدراسة وأدوات القياس المستعملة.
(6) عدم انبثاق "مشكلة البحث" عن رغبة الباحث ومن حبه لمجال معين يريد البحث والتعمق فيه. ولكن قد تفرض عليه "مشكلة البحث" من جهة رسمية أو غير رسمية مما يفقد الباحث الحافز الداخلي للقيام بالبحث وبذل الجهد والإبداع فيه، وإنهائه في آجال معقولة.
ونلاحظ هنا أن مشكلات البحث العلمي التي تطرح من طرف بعض الباحثين في الجامعات الجزائرية لا تشكل إضافة نوعية إما لأنها تكرار لبحوث سابقة في نفس الموضوع، وإما لأنها مواضيع متشابهة تجرى في عدة جامعات في نفس الوقت دون أن يدري الباحثون المعنيون أنهم يقومون بنفس البحوث إلى حدّ أنني اطلعت مؤخراً على بحثين (ماجستير) من جامعتين مختلفتين يحملان نفس العنوان؛ ولو أن هناك تعاوناً أو تنسيقاً بين الباحثين في هذا المجال لكانت المشكلة أهون لأنها قد تفيد في مقارنة النتائج وتلاقح الأفكار وتطوير البحث العلمي، وتراكم المعرفة تراكما عموديا مثمرا.
وعلاوة على ماذكر أعلاه، يمكننا أن نضيف الأخطاء التالية:
غموض المشكلة: وقد يكون هذا الغموض بسبب اللغة المستعملة من طرف الباحث، أو بسبب عدم فهم المشكلة من طرف الباحث نفسه.
عدم الربط بين صياغة المشكلة ومراجعة الدراسات السابقة بسبب نقص المراجع العلمية في مجال معين أو بسبب عدم معرفة الباحث للغة الإنجليزية التي تعتبر لغة البحث في علم النفس في هذا العصر مما قد يجعل صياغة المشكلة صياغة ضعيفة، أو مبتورة عن تطور الدراسات والبحوث التي حصل على المستوى العالمي.
ولتفادي الأخطاء المذكورة أعلاه، ينبغي للباحثين وخاصة المبتدئين منهم اتباع الخطوات التالية التي لخصها (كومار، 1996) بهدف صياغة مشكلة بحث ذات أهمية علمية:
تحديد مجال البحث الذي يهتم به الباحث/الباحثة والمتصل بمجال اختصاصه.
تحديد المجالات الفرعية للمجال الواسع للبحث وذلك من خلال عقد لقاءات تفاكر (عصف ذهني) ومناقشة مع مختصين في المجال ومع زملاء ومشرفين وغيرهم.
اختيار مجال فرعي واحد أو أكثر من ضمن المجالات الفرعية المحددة وذلك لإجراء البحث في إطاره. ولتحقيق ذلك يستحسن البدء باستبعاد المجالات الفرعية التي لا تدخل في اهتمام الباحث.

طرح الأسئلة التي يراد الإجابة عنها من خلال البحث العلمي.
تحديد أهداف البحث الرئيسة والفرعية للمجال المحدد.

تقويم هذه الأهداف بهدف تحديد إمكانية تحقيقها ضمن الموارد والإمكانات المتوافرة (الوقت، الموارد البشرية والمالية والتقنية) ونضيف إلى هذا ضرورة ربط مشكلة البحث بفرضيات البحث أو أسئلة البحث المحددة تحديداً دقيقاً، كما ينبغي ربط المشكلة بتصميم البحث والمجتمع الأصلي الذي تجرى فيه الدراسة، وبأسلوب المعاينة وأسلوب (أساليب) تحليل البيانات.

(ب)الأخطاء الشائعة في فرضيات البحث:
يمكن تصنيف الأخطاء المتعلقة بالفرضيات إلى ثلاثة أنواع: الأخطاء عند صياغة الفرضيات، الأخطاء عند اختبار الفرضيات والأخطاء عند عرض النتائج ومناقشتها.

(أولاً): الأخطاء عند صياغة الفرضيات:
تتمثل الأخطاء التي يمكن أن تظهر عند صياغة الفرضيات في الآتي:

 أخطاء الصياغة اللغوية مثل:غموض المفردات والمفاهيم المستعملة بالإضافة إلىأخطاء نحوية وإملائية.
 أخطاء الصياغة الاحصائية:إيراد الفرضيات في شكل أسئلة بدلا من إيرادها في شكل تصور علاقات أو تباين أو وجود فروق جوهرية.

تعليقات