نصائح خالدة للكتابة من هاروكي موراكامي


  • بقلمجيسيكا مانويل
  • ترجمةحيدرة أسعد
  • 19/07/2020
  • نقلا عن موقع تكوين
من المهم مطالعة أكبر قدرٍ تستطيعه من الروايات وأنت لا تزال في مرحلة الشباب؛ كل شيء يقعُ في يدك: روايات عظيمة، روايات غير عظيمة، روايات سيئة جدًا... لا يهم إطلاقًا ما دمت تقرأ.
"لم أكن أنوي أن أكون كاتبًا، لكن هذا ما حدث. لدي الآن الكثير من القراء في بلدان عديدة. حدث ذلك بأعجوبة، لذا أعتقد أنه يجب علي أن أكون متواضعًا فيما يتعلق بهذه المقدرة. أنا فخورٌ بها، وأستمتع بها أيضًا، وقد يبدو غريبًا قولي إنني أحترمها".
هاروكي موراكامي

يهتم كل الكتاب بصورةٍ مُبالغٍ فيها بروتين الكتابة اليومي، وبعملية الخلق والإبداع، وبالطريقة التي يعثرون بها على الإلهام. وهاروكي موراكامي ليس غريبًا عن هذه المسائل، وقد أعطى أخيرًا الروائيين الطموحين ما كانوا ينتظرونه منذ مدة: نصائح الكتابة من هاروكي موراكامي.

بعد إنجازه كتابه الأول، أحيا هاروكي موراكامي لحظتَي الكشف والتجلي اللتين دفعتاه إلى أن يصبح روائيًّا مُحترفًا. ونتيجةً لتغييره مهنتَه، استبدل موراكامي بأشرطة الجاز لديه حزمةً من ورق الكتابة وقلمًا حبر سائل، وكذلك استبدل بعادة التدخين مجموعة من الأحذية الرياضية المخصصة للجري.

يركض موراكامي اليوم مسافةَ ماراثون واحد في السنة، بمعدل ستة أميال في اليوم، ولا يأخذ أكثر من يومَي استراحة متتاليين، وقد ناقش عادته هذه في كتاب مذكراته حول الرياضة والكتابة الذي عنونَه: (What I Talk About When I Talk About Running).

نصيحة موراكامي حول الكتابة ليست كما تتوقع. إنه ليس من نوع الكتاب الذين يبالغون في الشرب، ويكتبون بطريقة فوضوية. نهجُه في الكتابة منظم جيدًا، لكي يتمكن من الغوص في الخبايا المظلمة لعقله، حيث يكتشف الفوضى الجامحة في اللا وعي، ثم ينقلها لنا من خلال القصص.

جوزيف كامپل، المفكر الميثولوجي الأبرز في القرن العشرين، الذي أثر بشكلٍ كبيرٍ في موراكامي، أمضى فترة خمس سنوات يقرأ بمعدل تسع ساعاتٍ في اليوم. ولا بد أن نموذج كامبل في الانضباط مثال احتذى به موراكامي. يؤلف موراكامي بين خياراتِ الحياةِ الصحية ضمن روتينٍ يومي يخلق نوعًا من الفتنة والسحر في عملية الكتابة لديه. نصيحة موراكامي في الكتابة صحية، وتستحق، بلا شك، الاعتبار.

"عندما أكون في حالةِ كتابةٍ رواية، أستيقظُ عند الرابعة فجرًا، وأعمل لخمس أو ست ساعاتٍ. في فترةِ بعد الظهر، أجري مسافة عشرة كيلومترات أو أسبح مسافة ألف وخمسمئة متر، (وقد أفعل الأمريَن معًا!)، وبعدها أقرأ قليلًا، وأستمعُ إلى القليل من الموسيقى. أخلدُ إلى النوم عند التاسعة مساءً، وأحافظ على هذا الروتين كل يوم دون أي تغيير. التكرار نفسه يصبحُ شيئًا مهمًّا، إنه نوع من التنويم المغنطيسي. بهذه الطريقة أستطيعُ أن أصل إلى أكثر الحالات العقلية عُمقًا. لكن التزام هذا الروتين لمدة طويلة قد تتراوح من ستة أشهر إلى عامٍ كامل يتطلب كمية وافيةً من القوة البدنية والعقلية. وبهذا المعنى، تشبه كتابة الرواية الطويلة التدرب على البقاء على قيد الحياة، إذ تضاهي القوة البدنية الحس الفني من حيثُ الأهمية".
 هاروكي موراكامي

ورغم أن هذا الروتين يثير الإعجاب بشكل كبير، إلا أنه ليس من أجل الكتاب المبتدئين. لذا ينصح موراكامي المبتدئين بالقراءة والمراقبة والتفكر والتركيز، وبالطبع، أن يضيفوا القليل من السحر.

1. اقرأ العديد من الروايات


"أعتقدُ أن المهمة الأولى التي تقع على عاتق الروائيين الطموحين هي قراءة الكثير والكثير من الروايات. من المؤسف الابتداء بنصيحة عادية وشائعة كهذه، لكن عدم التدرب على ذلك أمر خطر. لكتابة رواية، عليك أولًا أن تفهم، من منظور فيزيائي، كيف تُصنع الرواية. من المهم مطالعة أكبر قدرٍ تستطيعه من الروايات وأنت لا تزال في مرحلة الشباب؛ كل شيء يقعُ في يدك: روايات عظيمة، روايات غير عظيمة، روايات سيئة جدًّا... لا يهم إطلاقًا ما دمت تقرأ. تشرَّب القصص بقدر ما تستطيع، عرِّض نفسك إلى الكثير من الكتابة العظيمة، وإلى الكثير من الكتابةِ العادية أيضًا. هذه هي مهمتك الأهم".

2. راقب ما يجري      


"قبل أن تبدأ في كتابةِ نصك الخاص، حاول أن تعتاد النظر إلى الأمور والأحداث بتفاصيلها الدقيقة. راقب ما يجري حولك، راقب الناس الذين تقابلهم بأقصى ما تستطيع من العُمق والقُرب".

3. فكر في ما تراه


"فكر في ما تراه. تذكر أن التفكير لا يعني المضي في تحديد ما هو صحيح وما هو خطأ، أو المزايا والعيوب الموجودة في الأشخاص أو الأشياء التي تراقبها. حاول أن تبتعد بشكلٍ واعٍ عن إطلاق الأحكام الأخلاقية. لا تتسرع في الاستنتاجات، فليس المهم الوصول إلى نتيجة واضحة، وإنما الوصول إلى رؤية للتفاصيل الخاصة التي تميز موقفًا بعينه. إنني أحرصُ على الاحتفاظ بصورة واضحة قدر المستطاع عن المشهد الذي راقبته أو الشخص الذي قابلته أو التجربة التي مررتُ بها، معتبرًا إياها "نموذجًا" فريدًا وخاصًّا. بإمكاني العودة إليها لاحقًا، والتمعن فيها مرة أخرى، وذلك عندما تكون مشاعري قد هدأت، وأصبحَت أقل إلحاحًا. في هذه المرة، أفحصها من زوايا مختلفة. لأضع في النهاية استنتاجي الخاص".

4. ركز في قصتك الحالية


"رغم أنني أكتب المقالات والأعمال الخيالية، فإنني أتجنب العمل على أي شيء آخر عندما أكون مستغرقًا في كتابة رواية، ما لم تُملِ الظروف علي خلاف ذلك... بالطبع ليست هناك قاعدة تقول إن المادة نفسها لا يمكن استخدامها في مقالةٍ وقصة، لكنني وجدت أن القيام بهذه المزاوجة يُضعف قدرتي على التخيل بطريقةٍ ما".

5. المطلوب هو السحر


"العنصر الرئيس ليس جودة المواد والأدوات. المطلوب هو السحر، فبوجوده يمكن أن تتحول الأمور اليومية الأساسية، واللغة السهلة الواضحة، إلى أدوات لإذكاء الدهشة. أولًا وقبل كل شيء، ما يهم هو ما في جعبتك من أفكار وغيرها، لأن السحر لن يُجدي نفعًا عندما تكون جعبتك فارغة".

تعليقات