لقد حللتهما يا جورج!



إنها قصة عالم الرياضيات جورج دانتزيج George Dantzig، دارس الرياضيات الذي لم يكن راضيا عما درسه، فقرر متابعة الدراسات العليا في الرياضيات، خاصة علم الإحصاء، ولذا التحق في عام 1939 بجامعة بيركلي لدراسة منهج مخصص للإحصاء، وهو في سن الرابعة والعشرين.
جرت العادة في الدرس أن يكتب أستاذ المادة على السبورة مسألة أو اثنتين، لكي يعمل الطلاب على محاولة حلهما وتقديم الحل للأستاذ في الدرس التالي. حدث ذات يوم أن تأخر جورج على بداية هذا الدرس، ودخل وجلس، وطالع السبورة فوجد عليها مسألتين، فنقلهما إلى ورقه، وحين عاد لمنزله شرع في حلهما، حيث لاحظ زيادة مستوى الصعوبة فيهما عما أعتاده من المسائل التي كان يطلب منهم أستاذ المادة حلها. بعدها ذهب جورج إلى أستاذه، وسلمه الحل، وأعتذر له عن تأخره في حل هاتين المسألتين.
بعد مرور شهر ونصف، وذات نهار يوم الأحد، وجد جورج من يقرع بابه بقوة وعنف، وحين فتح وجد أمامه أستاذ المادة يطير من الفرح، يصرخ بصوت عال قائلا: لقد حللتهما يا جورج…!
بعدما خفت حدة الفرح لدى الأستاذ، شرح له أن ما نقله جورج من على اللوحة لم يكن واجبا يطلب حله، بل معضلتين إحصائيتين لم يتمكن عالم رياضيات من حلهما من قبل، حتى جاء جورج وحلهما. باعتراف جورج نفسه، لو كان علم أنهما كانتا كذلك، ما كان ليحاول حتى التفكير في حلهما. المفاجأة الثانية هو الوقت القليل الذي استلزم جورج لحل معضلتين لا واحدة!
بناء على اقتراح أستاذه، جعل جورج طريقته في حل المعضلتين أساسا لنيل رسالة #الدكتوراه فيما بعد.
ويعتبره البعض الأب الروحي للبرمجة الخطية، أو السبملكس.
لقد نجح لأنه دخل على المشكلة، #بدون أي قناعات سابقة، سوى أنها مجرد مشكلة تبحث عن حل، الأمر الذي ساعده للتركيز أكثر على حل المشكلة، بدلا من إضاعة الوقت والجهد محاولة التغلب على صورة ذهنية مسبقة رسمها عقله وصدقها، فكانت العقبة تمكنه من حلها. هذه النقطة هي أهم ما نخرج به من هذه القصة القصيرة.
لكن لا بد من توضيح أن جورج كان عالما رياضيا صغيرا، محبا للرياضيات مهتما بدراسة المزيد منها، وفوق ذلك، كان يريد تطبيق ما درسه من الرياضيات في الواقع العملي.
لنتذكر أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وأن الإلهام لا ينزل على كسول جهول. اعمل، واجتهد، وانزع الأفكار السلبية من رأسك، وستصل إلى نتائج إيجابية إن شاء الله.

تعليقات